توقع كثير من التقارير الصحية بان اجتياح فيروس كورونا لا زال في بداياته، وأن العالم ما بعد كورونا ليس كالعالم قبله، وهم يعنون بذلك المنظومات الصحية والسياسية والاقتصادية غالبا.
لكن الأهم من وجهة نظري أن العالم مقبل على خواء روحي - قيمي ليس له مثيل :
قبل الكارثة الاقتصادية التي نجمت عن فيروس كورونا كان الاعتقاد سائدا عند الحكومات الليبرالية أن دور الدولة لابد ان يكون محصورا فى وظيفة الأمن والدفاع "الدولة الحارسة " اعتمادا على مبدأ " اليد الخفية " الذي أكد من خلاله ٱدم سميث : ( بأن الفرد الذي يقوم بالاهتمام بمصلحته الشخصية يساهم أيضاً في ارتقاء المصلحة الخيرة لمجتمعه ككل ، فعندما يزيد العائد الشخصي لفرد ما، فإنه يساهم في زيادة العائد الإجمالي للمجتمع ).
لا شك أن الفضل في شبه التحكم الجاري وباضطراد في الوضعية الصحية ومواجهة فيروس الكورونا الوبائي يعود، بعد الله العلي القدير، إلى صرامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني منذ الوهلة الأولى، وقد فضل "العمل الميداني" الفوري على "الكلام" الذي يضيع اللحظات الثمينة من أوقات الجد.
ينبغي للعالَم/ بل يجب عليه أن يستوعب جيّدا أضرار هذا الوباء، وما ترتّب على انتشاره السريع من تداعيات صحية واقتصادية واجتماعية، وما يجب أن يتخذ من إجراءات للتخفيف من الآثار السلبية لكل ذلك.
لابد من رسم سياسات دولية جديدة، مبنية على حقائق الكون والتاريخ والجغرافيا والعلاقات البشرية المتداخلة.
لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أنّ أمن العالَم كُلٌّ لا يتجزأ، ممّا يقتضي المزيدَ من التعاون والتنسيق والتشاوُر.
لوحظ في الآونة الأخيرة تنامي النعرات والأفكار والدعايات غير العقلانية المشحونة بالعداء والمقت والاحتقار والتي تحرض على الكراهية بين فئات الشعب الموريتاني. هذا التطور الخطير أظهر ضرورة تطبيق قانون تجريم التمييز العنصري وخطاب الكراهية، بشكل يردع كل من يحاول إثارة الفتن. ذلك لأن الكلمة قد تقتل، كما فعلت في رواندا، عندما أدى خطاب الكراهية، الذي تبنته بعض وسائل الإعلام، إلى إشعال الحرب الأهلية التي أدت إلى إبادة التُّوتْسي.
ينشط العقل الديني زمن الأزمات، ويجد في مصائب الأمم ومآسيها مناسبات لإنتاج أغاليط وترهات تقتات على الخوف والقلق الذي يميز الأمم والشعوب في أزماتها عادة، لم يشذ بعض تجار الدين في المغرب عن هذه القاعدة، ولم يكتفوا بالبحث في تاريخ للدين لا يعرفون أسانيده إلا هم، واختيار ما يناسبهم من وقائع وأحاديث وآيات يفسرون بها سبب الوباء والبلاء.
تموج الساحة الدولية اليوم بسيل من الدراسات والبحوث، الصادرة عن مراكز الدراسات البحثية في العالم، مصحوبة بتصريحات لخبراء يشددون فيها على ضرورة توقع خطر وشيك، يهدد السلم العالمي، سيقلب جميع الثوابت الحالية رأسا على عقب، بفعل بوادر تراجع القطبية الواحدة، الناتج عن نمو الإقتصاد الصيني بنسبة تتجاوز سنويا ال6%، في حين أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية عاجزة عن تجاوز نسبة نمو تفوق 2.5%، الشيء الذي سيدفع بالصين إلى المقدمة عالميا، حيث سيضاعف اقتصادها اقتصاد
يحكى فيما يحكى، أن أحد الزائرين لحديقة حيوان استوقفه مشهد فيل ضخم تم ربط إحدى رجليه بحبل ضعيف، وقد أثار ذلك المشهد استغراب الزائر، فما كان منه إلى أن سأل أحد العاملين في الحديقة عن السر وراء استسلام الفيل الضخم للقيد، ولماذا قبل أن يبقى مربوطا بحبل ضعيف يمكنه أن يقطعه عند أول حركة يقوم بها للتحرر من ذلك الحبل؟
لا أتمنى أن يظهر كورونا – ولا غيره من الأوبئة- بأي مكان؛ أحرى ببلادي وفي قومي، حيث تبدأ علاقتي بالبلدان وبالبشر، ولعل هذا من نافلة القول، لكن أسبابا خاصة تزيد خوفي على موريتانيا وأهلها، وتصور لي هول الخطب الذي أدعو الله أن لا يقع.