لعنة الزئبق في أكان تهديد حقيقي و استعمار صيني

أربعاء, 09/10/2025 - 14:14

بين ولايات أربع (اترارزة، لبراكنه، تكانت ، إنشيري) توجد منطقة أكان الهادئة التي حباها الله بطبيعة جغرافية وبيئية خاصة ومتميزة جعلتها ملاذا للإنسان والحيوان  الراغب في الحياة بلا صخب ولا ضجيج، إلا أنه وفجأة ودون سابق إنذار، تغيرت المعادلة وانقلبت الموازين وداهم الخطر الجميع، محولا ذالك الهدوء وتلك الرتابة إلى انتظار موت محقق بعد أن بدأت شركة صينية - مهتمة بالتنقيب عن الذهب واستخراجه - نشاطاتها في قلب تلك الأرض بمعدات ثقيلة وجرافات كبيرة جعلت عاليها سافلها، وحولت أخضرها إلى يابس.

ليس هذا فحسب، بل بدأت في محاولة تشغيل ماكينات لتصفية الذهب مباشرة عبر استخدام أكثر المواد فتكا بالبيئة وأشدها خطرا على الحياة، مما ينذر بكارثة حقيقية، إذا لم تتدارك السلطات الإدارية الأمر وتوقف تمدد هذا الخطر، خصوصا وأن هذه الشركة الصينية وبحسب وزارة المعادن والصناعة، تباشر عملها دون ترخيص؛ في مشهد أقرب إلى الإستعمار منه إلى الإستثمار، كما أن سرعة وتيرة العمل لدى هذه الشركة باتت تشكل خطرا وجوديا بالنسبة للساكنة التي ظلت مرنة في التعاطي مع القائمين على هذه الشركة الاستعمارية، حيث تقدموا بشكاية منها على منصة عين وقابلوا معالي وزيرة البيئة ومعالي وزير المعادن والصناعة، وأحاطوا معالي وزير الصحة علما بموضوعها بالنظر لما تشكله تلك السموم المستخدمة لتصفية الذهب من خطر على الحياة في تلك المنطقة التي طالما شكلت ملاذا رعويا خصبا وآمنا لآلاف المنمين والمنتجعين من كافة ربوع الوطن، بمخزونها الرعوي الذي ظل يحولها دوما إلى وجهة مرغوبة للمنمين حين يتوقف المطر وتجف ينابيع المياه ويتلاشى الغطاء النباتي، فتفتح أرض "أكان" الغناء ذراعيها مستقبلة المنتجعين الوافدين، ولكم أن تتخيلوا عددهم وعدد مواشيهم، مما يوفر على الدولة كثيرا جدا من مسؤولياتها ويرفع عنها الحرج، إلا أنه وعلى الرغم من كل ذالك لم تتخذ السلطات الإدارية حتى اللحظة إجراءات حاسمة ضد هذه الشركة، مما قد يفجر الأوضاع في أية لحظة فقد ضاق السكان المحليون ذرعا بشركة حولت حياتهم الهادئة البعيدة عن ضوضاء المدن وصخبها إلى كابوس يهدد حياتهم وحياة مواشيهم ويحول مراعيهم الخضراء، إلى أرض قاحلة جرداء لا ماء فيها ولا مرعى، مقابل استخراج شركة أجنبية أعماها الطمع في الذهب عن احترام البلد وقوانينه ونصوصه الناظمة للمجال، فحضرت بكامل عدتها وعتادها وباشرت عملها دون أن تمتلك ترخيصا، وكأن المنطقة أرض قفار لا سلطة لدولة عليها مما يستوجب من الدولة الموريتانية سرعة التدخل ومصادرة معدات الشركة الصينية وتغليظ العقوبة على القائمين عليها والعاملين فيها فرضا لهيبة الدولة وحماية لمنطقة لهاخصوصيتها البيئية والتنموية.

مراد ناصر الدين