أحمد شيخنا كباد يكشف سر الرماد وينشد للكحل في بيت شعر نواكشوط

خميس, 03/01/2018 - 10:44

نظم بيت الشعر - نواكشوط مساء اليوم (الأربعاء) أمسية شعرية أحياها الشاعر أحمد شيخنا كباد، وذلك وسط حضور لافت من الشعراء والمثقفين.

قدمت الأمسية الشاعر ووسطه التربوي الذي انطلقت منه مسيرته، حيث تلقى دروسه الأولى في اللغة ليواصل المسيرة (الآن) على المستوى الجامعي.

ولد شيخنا كباد بدأ اهتمامه بقرض الشعر من خلال تأثره بالاستماع إلى قصائد البرعي التي يغنيها الفنان الموريتاني الراحل الخليفة ولد أيده، ويعتبرُ الشاعرُ أن وعيَه الشعري تشكل من خلال صدى الاستماع للشعر المُغنى.

 

وخلال أمسية الشاعر الواحد التي احتفت بتجربة هذا الشاعر الشاب، استمع الحضور إلى سبع قصائد غلب عليها الهم الذاتي  وبدأها بقصيدته "سر الرماد"، التي يقول فيها:

كَأَوَّلِ آتٍ جَاءَ يَهْدِمُ مقصلهْ

وَيَغْرِسُ فِي الأَيَّامِ جِذْعًا لِسُنْبُلَهْ

 

لِتَكبرَ فِي الأنْخابِ حَيرَة عَائِدٍ

يُمَزِّقُ سِفْرَ البَدْءِ كَيْمَا يُرَتِّلَهْ

وَيُودِعَ فِي النَّبْضِ المُسَرّبِ فِي الرُّؤَى

تَمَاثِيل عِشْقٍ بِالحَنَانِ مُجَمَّلَهْ

وَيَرْكُضُ فِي أَجْفَانِهِ لَوْنُ مِحْنَةٍ

تَعَرَّتْ جِهاتُ الصَّمْتِ فِيهِ لِتُخْجِلَهْ

أتَطْفُو عَلىَ جَفْنِ الرَّمَادِ أَرِيكَةٌ

وَتَسْأَلُ حُلْمَ الطَّيْرِ مَنْ كَانَ أوَّلَهْ

كَأَنَّ الذِي مَسَّ الفَراشَةَ بَارِدٌ

لِذَا قَبَضَتْ هَذَا الجَناحَ لِتُسْدِلَهْ

أَيَعْرِفُ لَوْنُ اللَّيْلِ كَيْفَ هُوَّ السَّنَا

فَيَخْلَعَ ثَوْبًا مَا هَشِيمًا لِيُشْعِلَهْ

إلى أن يقول:

وَتَسْألُ أنْثَى عَنْ شُرُوقِ نَبِيِّهَا

غَدَاةَ تَجَلَّى حَائِرًا لِتُزَمِّلَهْ

شُحُوبٌ عَلىَ وَجْهِ التِّلاَلِ وَحَيْرَةٌ

سَتُتْعِبُ أبْعَادَ الذُّهُولِ وَتُذْهِلَهْ

وَفِي يَقْظَةِ الإِدْرَاكِ تَكْبُرُ فَجْأَةً

بَقَايَا جُفُونٍ لاَ تَزَالُ مُبَلَّلَهْ

سَتَحْتَاجُ إِذْ مَا غَيْمَة فِي سَمَائِهَا

وَتُورِدُ بِئْراً لاَ تَزالُ مُعَطَّلَهْ

هُنَا مِنْ دَمِ الأَحْلاَمِ نَهْرُ سَخَافَةٍ

وَوَجْنَةُ صُغْرَى بِالدِّمَاءِ مُكَحَّلَهْ.

ولد شيخنا قرأ قصيدته "شاطئ الشكل" التي يقول في مطلعها:

سأنثر العمر في يم من الوحل

علي أعود غدا شيئا بلا أصلي

علي أعيد إلى الإنسان وحدته

أنساب في عمق من عاشوا على قتلي

وأصرخ الناي عل الغير يعزفني

لحنا تؤوله الأشياء من قبلي

يغوص كنه بياضي في سوادهم

إذ نحن في بدئنا مزج من الرمل

هل يا ترى تدرك الألوان نشأتها

كي لا يموت هوى في شاطئ الشكل

أو تستعاد رؤى للضوء تهجرنا

تمزقت في زوايا الأرض بالنصل

إلى أن يقول:

من يستعير من الأشياء سحنتها

حتى يقابل جفنا ضاق بالكحل

وصرخة الرمل قد دوت على وجعي

وقادني ظل أشيائي إلى ظلي

كم نجرح الطين في ريعان بهجته

ليذبل الورق المنثور في الحقل

نوزع الوجع الممزوج من دمنا

فينا ويفضي بنا وحل إلى وحل

ومن قصيدة "مفرد في جرحه"، أنشد:

ها أنت ترحل مثل غيم حالم

نحو السما لتعمها الأنواء

قاسمت ترياق الذهول جياعهم

فتمزقت في دربك الصحراء

قد جئت من قلق الوجود ممزقا

تقتات من أشيائك الأشياء

إذ أنت مثل البحر في أسراره

كم فيك من سفن الهوى أشلاء

إلى أن يقول:

ذي آخر الرحلات نحو بداية

في كنهها تتموج الأضواء

هي محنة الموت الرهيب تشدهم

فنظنهم موتى وهم أحياء.