طريق انواذيبو والخطر المتجدد

جمعة, 01/05/2018 - 00:31
عثمان جدو

مما لا تخطئه العين المجردة و لا تنكره النفس الصافية و لا يحجبه العقل المنصف؛ ذلك الذي يجري به اللسان بوصفه الترجمان لما في القلب؛ حول المتغيرات الكبرى التي شهدتها الساحة السياسية الوطنية في عديد المجالات، رغم اختلافها وتنوعها و تشعب مجالاتها، وسنحاول اقتصار هذا الحديث على البنية التحتية خاصة والطرق منها تحديدا.

في السنوات القليلة الأخيرة تحولت الساحة الوطنية إلى ساحة كبرى للأشغال وإنشاء الطرق وملحقاتها، من أرصفة وأعمدة إنارة وإشارات مرور، و لاحقا شبكة صرف صحي -قيد الإنجاز- في انواكشوط.

 

كثير من الناس في زماننا لا يرى المتغيرات الإيجابية، بفعل الشحن السلبي، الذي أصبح سيد الموقف ومشرب الكل إلا من رحم ربنا ممن يتمتعون بميزة الإنصاف والموضوعية بعيدا عن الإيغال في المدح الزائد أو التطبيل المضاعف، وبين هذا وذاك تتنزل الحقيقة الموضوعية التي يقر صاحبها بما تم إنجازه؛ إذ لا تخطئه العين، ومن رام حجبه بمعارضته أو إنكاره أو رفضه للواقع وتشاؤمه من كل مستجد وإن أضفت عليه الصبغة الإيجابية طابعها! ، فهو واهم حد التيه.

 

إن السالك لطريق انواكشوط انواذيبو لن يعدم التشبع بالملاحظات التالية:

1-حجب جوانب كثيرة من نقاط عدة على هذا الطريق بالأتربة والكثبان المرتفعة، ولذلك مؤداه الطبيعي المتمثل في كون الأسابيع الماضية ذات طبيعة خاصة؛ بفعل حركة الرياح والأتربة، لكن التراخي في إزالة هذه الكثبان يعرض حياة المواطن للخطر الكبير والمتجدد بتجدد صعود هذه الأتربة، و هو باقي ببقائها.

وهنا بالذات يحكي بعض ساكنة المنطقة القصة التالية:

أحد العاملين في الآليات المكلفة بإزالة تلك الكثبان عن الطريق كان ماهرا جدا في إزالتها لدرجة أنه كان يعمد إلى طريقة فعالة؛ يتعامل بموجبها مع اتجاه حركة الأتربة فيشل حركتها و لا تتقدم على الطريق مستقبلا، بفعل خبرته الكبيرة في المجال؛ لكن رب العمل لم يكن يعجبه ذلك، وقال بالحرف الواحد *إن هذا الرجل سيقطع رزقهم هناك ويقضي على وجودهم إذ لا مبرر لوجودهم ولا استمرار لعملهم إلا باستمرار صعود الأتربة على الطريق وعكس ذلك يعني نهاية العمل وتوقف الدعم والعطاء الحكومي!!* وطبعا تخلص (المسؤول) الخائن من العامل المخلص.

 

2-يلاحظ أن مقاطع الطريق تختلف عن بعضها من حيث الجودة والتماسك ومن حيث الصلابة وضدها، وذلك راجع إلى طبيعة الطريق والمعايير المتبعة في إنجازها أصلا، ويكفي كشفا لذلك وتثبتا من حقيقته ما تكشفه الحفر الكبيرة والخطيرة التي تتوسط هيكل الطريق في نقاط كثيرة وخاصة في المقاطع السوداء من الطريق عكس المقاطع الرمادية التي يبدو أنها أكثر صلابة وتماسك و أقل حفر وتشققات.

وهنا لابد من أخذ ذلك في الاعتبار مستقبلا -على الأقل- فتمنع تلك الجهات التي كانت مسؤولة عن تلك المقاطع السوداء من أي مشاركة في المجال، وتنصف تلك التي تولت المقاطع الرمادية.

 

هذا بالإضافة إلى الأخذ بالاعتبار أن الطريق طريق حي جدا بفعل الحركة المضاعفة للسيارات والشاحنات القادمة من المغرب؛ والتي يترتب على حركتها المستمرة على الطريق سرعة التهالك، إن لم تستحدث معايير تفضي إلى صلابة أكثر وجودة أعلى.

أخيرا لا يمكن أن يقفل هذا الحديث دون التطرق -ولو قليلا- لمدخل مدينة انواذيبو الذي يفتقد للواجهة السياحية الضرورية التي يفترض أن تحظى بها المدينة، بوصفها قطب تنموي رائد هذا بالإضافة إلى وجود مربد للإبل وسوق لبيع الأغنام عند هذا المدخل، الشيء الذي يجعل منه مكانا غير لائق ومكشوف العيوب أمام المواطنين المسافرين والزوار الوافدين سياحا كانوا او مستثمرين، وهذه الحقيقة تعتبر معرة ومنقصة لعاصمتنا الاقتصادية؛ ينبغي الإسراع في إزالة ضررها وصرف الأسباب المؤدية إلى وجهة أخرى أكثر مواءمة، وجعل مدخل المدينة يعبر عن المدخل حسب دلالة الكلمة و إيحاء المعنى على الأقل.

وبما أن العمل الحكومي شهد طفرة كبيرة وتحركا سريعا نحو الأمام وتركيزا كبيرا على البنية التحتية فإنه لا ينبغي أن تترك منغصات كهذه تسيء إلى ما تم تحقيقه من مكتسبات باقية للوطن والمواطن في المستقبل، بل يجب-بعيدا عن السياسة- دعم الإرادة الجادة ومباركة مسيرة البناء التي طبعت عمل هذه الحكومة رغم كثرة المعارضين وصعوبة وحساسية المرحلة.