موريتانيا : الحوار لأجل الإصلاح،لا لأجل السياسة

أربعاء, 05/07/2025 - 21:05

فبلادنا ارض الإسلام , تنعم بالأمان و لله الحمد ، و أما موضوع العنصرية و التحريض علي الشرائحية ، فنحن مجتمع واحد وكلنا من آدم و آدم من تراب و التراب معادن و خير المعادن الذهب , و في موريتانيا يوجد ذهب و في السينغال ذهب و في مالي و غينيا كوناكري , في كل بلداننا يوجد ذهب , و ناس خيرون و عرق نبيل أصيل في مجتمع افلان و في البيظان , في سوننكي و في وولوف ,أفاضل خيرون , عرق أصيل في افيتنام ، في امريكا ، في الهند, في كل امة , هكذ علمنا الإسلام وعلمنا ان التفاضل والأفضلية مرتبطان بالتقوى و التقوى مرتبطة بقوة الإيمان بالله و الايمان شيئ وقر في القلب كما وصفه الصديق و لا علاقة له باللون أو العرق او النسب. .

فحي علي الصلاة يا بيرام و يا افلام ، حي علي الفلاح و الاصلاح و نبذ التفرقة و الشرائحية و العنصرية , دعوة متخلفة في عالم اليوم , بل لا مكان لها بين مجتمعنا المسلم الذي يعيش منذ قرون في كنف الإسلام بنيان يشد بعضه بعضا , بيضا و سودا ، في ظل مملكة مالي الإسلامية , اقوى مملكة حكمت المنطقة بقائدها الفذ المعروف كانكو موسي , مجد بناه أجدادنا، فوحدوا شعوبنا وراء الحركة الجهادية التي قادها عثمان فودي من قبيلة افلان , و الذي لعب دورا كبيرا في أسلمة غرب افريقيا.
وفي السينغال استقبل الناس المرابطين و ضيفوهم و رحبوا بهم ايما ترحيب حتي عرف السينغاليون الي يومنا هذا بلقب " الترينجا " التي تعني اكرام الضيف و حسن الضيافة , فكانوا عونا للمرابطين وسندا لهم في نشر الإسلام في ربوع افريقيا .

ظل حال شعوبنا علي تلك الحال في لحمة و تآخي عقودا من الزمن إلى أن جاء المستعمر فاتخذ منا عبيدا بيضا و سودا و صدرهم من جزيرة جوري في السنغال كقطعان الماشية في السفن ومات منهم خلق كثير و رماهم في البحر , و من شواطئ ايمراغن الموريتانية صدر البرتغاليون مئات الأسر من البيض عبيدا الي أوروبا , فالذي عبد الشعوب هم الأوروبيون و أما الإسلام فبراء من ذلك ، بل جاء لتحرير الشعوب من العبودية و العنصرية ,  حمزة قرشي , بلال حبشي , سلمان فارسي , صهيب رومي , تنوع عرقي , رسالة إلاهية واضحة و انه دين أممي لا يراعي الألوان و لا الأعراق و لا النسب.
 
فلنلبي النداء , حي علي الصلاة و نتقدم للاصطفاف بانتظام في الصلاة والركوع تعظيما لله والشعور بأننا كلنا عبيدا بيضا و سودا ، و أن السيد هو الله وحده , حي علي الصلاح , حي علي الفلاح و علي احترام النظام و المواعيد و الالتزامات و الطوابير و احترام المهاجرين و الغرباء وعابري السبيل و التقيد بتعاليم ديننا والترحيب بالضيف والغريب , و الابتعاد عن  التنابز بالألقاب وسقط القول في المواقع الالكترونية وتحت قبة البرلمان ، فحي علي الصلاة حي علي الفلاح لمتابعة مشاريعنا و تشديد الرقابة علي المال العام وخيرات البلاد و ممتلكات الدولة .
 
فلمثل هذا يا بيرام و يا ايرا و يا افلام يكون النضال , واما التحريض علي العنصرية و الشرائحية فطريق مسدود , مرفوض من قبل الجميع , افلان , البيظان سودا و بيضا , سوننكي ,  وولوف , كلنا هنا في موريتانيا في أمان نصلي في المساجد جنبا الي جنب , الحرطاني , الكوري , البيظاني مجتمع واحد ، جيش واحد ، أمن واحد ، اسواق , محلات ، مدراء مؤسسات , مدراء موانئ , وزراء من مختلف الشرائح و الفئات, تنوع عرقي و تعايش سلمي يعتز به أهل موريتانيا , فالوحدة تجري في عروقنا لأننا مسلمون أحراطين و أكور و بيظان.
 
و أما محاربة العبودية فهي واجب الجميع وهي دعوة الإسلام الذي جعل تحرير الرقبة عقوبة لتكفير الذنب ، فإذا كانت قد حصلت تجاوزات في الماضي في بلاد الإسلام و بين المسلمين سودا او بيضا ، فتلك تخص أصحابها , يقول جل و علا : " و لاتزر وازرة وزر اخرى " , وأما موريتانيا ( الدولة الحديثة ) فقد تبنت قانون تحرير العبيد و محاربة العبودية ، و تم ذلك بفضل الله ، و اختفت مظاهر العبودية في موريتانيا او كادت تختفي ، ولم يبقي منها الا القليل , مازال يمارس في حق مواطنينا في ضواحي سيليبابي و كيهيدي من اخوتنا الزنوج فيمنعون من الجلوس مع من يدعون أنهم أسيادهم و لا يصلون معهم في المساجد و لا يدفنون في مقابرهم ، الي غير ذلك من مظاهر العبودية البغيضة التي تجاهلتها أفلام و ايرا ، بل يتهربون باستمرار من الحديث عنها , وصمة عار , فأين المطالبة بالحرية و الانعتاق وغيرها من الشعارات .

الارث الانساني , شعار جميل لكنه لا يتعلق بالبيظان ولا بافلان و لا سونكي او وولوف انما يتعلق بالمستعمر الأوروبي  , الذي عبد الآباء بيضا و سودا و فرق شعوبنا بفرق تسد و فرض علينا لغته حتي في كتابة لغاتنا الوطنية بعد ان كان الأجداد من افلان و ولوف و سوننكي لا يكتبون الا بحروف العربية , فنعم لتحريك هذا الارث الانساني وللمطالبة بالتعويض عنه , و المطالبة بايقاف كل مظاهر الاستعمار و التي من اهمها اليوم :

ضرورة ايقاف الاستعمار المعدني : فعلي لجان الحوار المطالبة برفع حصص موريتانيا الحالية في معادنها %7 في الذهب ، 7% في النحاس و في الغاز كذلك 7% , حصص ضئيلة جدا و الخير كثير والشعب فقير ، فهل من مراجعة للنصوص و العقود ؟ و هل من تحضير لتقاسم الإنتاج في حقل بير الله ( اكبر حقل غاز مسال في العالم ) لم يستغل بعد ، و لكن استباقا لذلك فلا بد من التحضير جيدا حتي لا تطير من حصة الدولة 3% كما حصل مع تقاسم حقل احميم السلحفاة، فلا بد من تفادي مثل تلك الخسارة الكبرى 3% من مخزون قومي يتعلق بالأجيال ، تطير هكذا و مقابل ماذا ؟
 
ومن قضايا الحوار الوقوف في وجه الدعاية المغرضة لتسليم الدولة للشباب ، و أي شباب ، التيك توك ،فيسبوك ، اليوتوب , هؤلاء هم شباب المرحلة اليوم و هم لا يصلحون لإدارة الدولة و تسيير شؤون البلاد ، فمعظمهم يعيش في الخيال و في عالم افتراضي صوري، لا علاقة له بالواقع المعاش.

وعلي طاولة الحوار هذه الظاهرة : ظاهرة الثراء السريع ، أبطالها تجار و موظفون سامون في الدولة، فلا بد من  فتح تحقيق ، قصور بالملايين بنيت في ظرف وجيز سريع بين الصحراوي و منطقة البراد ، فكيف تم ذلك ؟ و من أين أتت هذه الأموال ؟ فهل مصدرها التلاعب بالمال العام و التصرف في ممتلكات الدولة ، ام تبيض الاموال أم هي تجارة المخدرات و الحبوب المهلوسة ، التي انتشرت كالحريق ، و ابطال تسويقها فتيات و شبان، يختبأ وراء البعض منهم  مسؤولون و خواص و أئمة مساجد ، كارثة و وضع مخيف ، ، فقد اصبح هم معظم الناس في موريتاتيا هو المال و لا يهم مصدره و لا  من أين  جاء ؟ و بدأت  المفاهيم تتلاشى : الوطنية , المواطنة ، مفهوم الدولة , الولاء للخريطة، للراية ، للوطن ام  للقبيلة , للعائلة , للأسرة التي تحكم ... و تحول الطموح الي اقتناء فيلا ، قصر ، في منطقة البراد و الصحراوي , سيارة فخمة , قطعة من الإبل و استراحة خارجة العاصمة ، فقصائد ومدح وذكر أمجاد وصراخ بالألفاظ : وخيرت , وخيرت أكبيرة ... وأما المال فلا يهم كيف و من أين اكتسبه ، و لما يأذن للصلاة تجده في أول الصف ، و لولى التفاؤل الحسن و الخيرية المزروعة في مجتمعنا لقلنا إن مجتمعنا تحول الي مجتمع من النفاق و المنافقين , المؤشرات تصدق ذلك ، و لكن  معاذ الله ان نكون كذلك .

 

·      البشير ولد بيا ولد سليمان