هؤلاء شاركوا أيضا في قتل على عبد الله صالح!

جمعة, 12/08/2017 - 22:38
محمد الأمين ولد الفاضل

على الرغم من أن الحوثيين هم من تولى تنفيذ عملية قتل الرئيس اليمني السابق أو المخلوع على عبد الله صالح، إلا أن ذلك لا يعني بأنه لا يوجد هناك قتلة آخرين شاركوا في عملية القتل هذه. 

 

فبالعودة إلى سيرة حياة الرئيس اليمني المقتول فسنجد بأن هذا الرئيس كان قد أعلن في العام 2005 وبمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لتوليه السلطة بأنه لن يترشح للرئاسة في العام 2006، وهو الشيء الذي أكده في يوم 21 يونيو 2006 خلال المؤتمر الاستثنائي  لحزب المؤتمر الشعبي العام، وقال في ذلك اليوم بأنه جاد في عدم الترشح، وبأنه على الحزب أن يبحث عن قيادات شابة وعن مرشح بديل للرئاسة. بعد ذلك بثلاثة أيام، أي في يوم 24 يونيو 2006 تراجع الرئيس على عبد الله صالح عن تعهده، وأعلن بأنه قد اضطر لأن يرضخ للضغوط الشعبية، وأن يترشح للرئاسة في انتخابات 2006.

 

إعلان الرئيس اليمني عن عدم ترشحه للرئاسة قوبل حينها بفرح عارم في اليمن وخارج اليمن، ولو أن الرئيس اليمنى وفى بوعده، وما كان له أن يفي بوعده فقد كتب له أن يقتل شر قتلة، فلو أنه وفى بوعده، لكان اليوم بطلا ورمزا في عالمنا العربي، ولو أنه وفى بوعده لكان اليوم يستضاف في الفضائيات ويلقي المحاضرات في المؤتمرات الدولية عن الديمقراطية وعن التناوب السلمي على السلطة، وذلك بوصفه يمثل حالة نادرة  في عالمنا العربي.

 

ولو أن الرئيس اليمني وفى بوعده، وما كان له أن يفي بوعده، لرفعت الشعوب العربية صوره أثناء خروجها في ثوراتها على أنظمتها الحاكمة، ولطالبت من رؤسائها أن يفعلوا مثل ما فعل هذا الرئيس الذي تنحى طواعية عن السلطة، ونظم انتخابات شفافة في بلده دون أن يترشح فيها.

 

كان بإمكان الرئيس اليمني على عبد الله صالح أن يتحول إلى بطل وإلى رمز بعد أن قضى ما يقارب ثلاثة عقود في الرئاسة، لو أنه وفى بوعد التنحي الطوعي عن السلطة في العام 2006، ولكن لم تكن تلك الخاتمة الحسنة لتكتب لمثل ذلك الدكتاتور.

 

فرصة أخرى أتيحت للرئيس اليمني بعد اندلاع الثورة اليمنية، وبعد أن أصيب في هجوم شرس استهدف مسجد القصر الرئاسي في الثالث من يونيو 2011. لقد أتيح لهذا الرئيس أن يحمي نفسه وأركان نظامه من الملاحقة القانونية من خلال المبادرة الخليجية، وهي المبادرة التي أتاحت أيضا لحزبه أن يشارك في الحكومة الانتقالية.

 

فرصة أخرى أتيحت للرئيس اليمني علي عبد الله صالح للخروج الآمن من السلطة، ولكن ما كان لهذا الدكتاتور أن يحظى بنهاية آمنة كتلك، ولذلك فقد ظل متشبثا بالسلطة وظل قلبه معلقا بها، الشيء الذي جعله يقف ضد الحكومة الشرعية، ويتحالف مع الحوثيين الذين سيقتلوه فيما بعد شر قتلة.

 

كان بإمكان علي عبد الله صالح أن يأخذ العبرة من خاتمة القذافي الذي قتل هو الآخر شر قتلة، ولكن الطغاة العرب لا يتعظون ولا يأخذ بعضهم العبرة من بعض.

 

في أغلب بلدان العالم هناك رؤساء سابقون، أحياء يرزقون، يعيشون حياة آمنة وعادية، ولكن في بلاد العرب يصعب أن تجد رئيسا سابقا حيا يرزق، فإما أن تجده طاغية على استعداد لأن يحرق بلدا بكامله من أجل البقاء في السلطة حتى آخر رمق، أو تراه في مشهد مأساوي يقتل شر قتلة كما حدث مع القذافي ومع على عبد الله صالح، وكما سيحدث مع رؤساء آخرين قرروا أن يسلكوا نفس الطريق الذي سلكه القذافي وعلى عبد الله صالح.

 

في سيرة حياة الرئيس اليمني المقتول على عبد الله صالح الكثير من العبر، ولكن هناك لقطة من سيرة حياته هي التي أردت أن أتوقف معها هنا، وأن أعيد التذكير بها، فمن يدري، فربما يأخذ منها رئيس بلادنا عبرة.

 

في يوم 21 أكتوبر 2016 أعلن الرئيس الموريتاني في خطاب له من داخل قصر المؤتمرات بأنه لن يترشح لمأمورية ثالثة، وبأنه لن يغير الدستور الموريتاني من أجل الترشح لمأمورية ثالثة. هذا التعهد قوبل بفرح عارم من الشعب الموريتاني، ولكن ما حصل من بعد ذلك كان مقلقا، وخاصة عندما قرر الرئيس الموريتاني أن يفرض تعديلات دستورية ألغى من خلالها مجلس الشيوخ، وهو ما قد يكون محاولة من للتمهيد لتعديلات دستورية أخرى يشرع من خلالها مأمورية ثالثة. يتشابه الرئيس الموريتاني مع الرئيس اليمني الراحل في كونهما قد تعرضا لإصابات في منتهى الخطورة خلال رئاستهما ( رصاصات أطويلة بالنسبة للرئيس الموريتاني وهجوم المسجد بالنسبة للرئيس اليمني الراحل)، ويتشابهان في كون كل واحد منهما كان قد وعد بأن لا يترشح لمأمورية رئاسية جديدة، ويتشابهان أيضا في كون بطانة كل واحد منهما قد أغرته من خلال المبادرات بأن لا يفي بوعده في عدم الترشح للرئاسة.

 

لقد استجاب الرئيس اليمني الراحل لتلك المبادرات والتي يقال بأنه هو من كان يقف وراءها، وأتمنى أن لا يقلده الرئيس محمد ولد عبد العزيز في ذلك، فيعلن هو الآخر عن ترشحه لمأمورية رئاسية جديدة استجابة للضغوط الشعبية.
أتمنى أن لا يتخذ الرئيس الموريتاني قرارا بالترشح للرئاسة مثلما فعل الرئيس اليمني في العام 2006، فمثل ذلك القرار سيشكل خطرا على  موريتانيا وعلى الرئيس نفسه.

 

اللهم جنب بلادنا مصير اليمن، وجنب الرئيس محمد ولد عبد العزيز مصير الرئيس اليمني علي عبد الله صالح.

 

حفظ الله موريتانيا..