لعبة التعديلات الدستورية ᴉ

ثلاثاء, 06/13/2017 - 00:00

كلما اتضح إن التعديلات الدستورية ، التي يصر عليها النظام الحاكم ، لا تؤدي إلى شيء مفيد ، كلما تطرف أعوان هذا النظام في تصريحاتهم المنافية للعقل و المنطق ؛ بل الأقرب لألعاب الأطفال و عنادهم غير المسؤول . فحين ذهب الوزراء و تجندت الإدارة الإقليمية و النخب المرتبطة بالنظام ، و أبواق الإعلام كذلك ، في حملة واسعة في إعطاء هذه اللعبة ديناميكية وطنية ؛ وحين باءت كل هذه الجهود حتى أن تجعل من هذه التعديلات موضوعا لشيوخ القبائل في أقصى مناطق البلاد و أبعدها عن الوعي المدني و السياسي ، فان النظام و شتى العناوين الدائرة في فلكه لم ترجع قليلا إلى المنطق و العقل لتعمل جردة حساب لهذه الجهود في مقابل ما تم الحصول عليه من قيمة دعائية لصالح موضوع التعديلات الدستورية ؛ ولم يرجعوا إلى أنفسهم ليحللوا واقع المراكز التي فتحوها للإحصاء الإداري التكميلي ، والتي ، هذه المراكز، لم يهتم بها الناس ، ولا حتى يهتمون بمواقع وجودها .

فالدرب العربي قبل أكثر قليلا من أسبوع أجرت شبه استبيان حول تواجد هذه المراكز ، وحصلت على نتيجة تقريبية تفيد أنه في حدود تسعين في المائة من المواطنين في نواكشوط ، إما لا علم لهم بفتح هذه المراكز أو لا يعرفون شيئا عن مواقعها .

وإذا كان المواطنون في العاصمة السياسية – حيث توجد اكبر مستويات الوعي المدني و المصالح السياسية ، و حيث يتركز الجهد الحكومي – لا يعيرون اهتماما للإحصاء من اجل هذه التعديلات الدستورية العبثية في توقيتها و في مراميها ، فما هو ، يا ترى ، مصير المراكز التي فتحتها السلطات في داخل البلاد ، حيث المواطنون في تظاهرات احتجاجية يومية ضد ظروفهم المعيشية القاسية المتمثلة في العطش و المجاعة ، و تفشي الأمراض ذات الصلة بارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف مثل التهاب السحايا و أمراض المسالك البولية ، وأمراض أخرى ناتجة عن نقص التغذية المناسبة و الفيتامينات الضرورية . و من الغريب ، حد السخف ، انه عندما تأكدت بارونات النظام من فشل حتى عملية إقناع المواطن بالتوجه نحو الإحصاء التكميلي ، الذي كان بالون اختبار لإمكانية التعديلات نفسها من عدمه ، عمد هؤلاء إلى إعادة الحديث الممجوج عن المأمورية الثالثة ، في نسف تام لأي مصداقية للتصريحات السابقة للرئيس نفسه ، التي أكد فيها أنه لن يحاول المس بالدستور فيما يتعلق بالمأمورية .

ويتجلى من التصريحات الأخيرة للوزير الأول و رئيس الحزب الحاكم حول عدم ترك الرئيس للمشهد ، بصيغ حمالة أوجه ، يتجلى أن النظام يتخبط فعلا و انه يهدف من وراء ذلك لأحد أمرين : الأول ألا ينفض التحالف المسمى بالأغلبية و تتناثر أشلاؤه في بيئة منفلتة . ثانيا ، محاولة من أركان النظام لإرهاب المواطنين البسطاء و جعلهم في وضعية نفسية تدفعهم للإقبال في الأيام الأخيرة على الإحصاء ، و بعد ذلك إجبارهم على التصويت بكثرة تحت طائلة أن النظام الحاكم ليس متخليا عن السلطة ، ومن ثم فانه سيعاقب كل التكتلات و القبائل و الوجهاء الذين قلت في دوائرهم نسبة التصويت على التعديلات الدستورية .إنها العودة لأساليب الغطرسة الإدارية و سوق الشعب بالعصى ، دون الجزرة ، كما كان يفعل نظاما الرئيس السابق معاوية ولد سيد احمد الطايع و الرئيس محمد خون ولد هيدالة .

 

عدد هذا الشهر من مجلة الدرب العربي